* مؤسس علم الجغرافيا 493 هـ-560هـ
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إدريس الشريفي أو الشريف الإدريسي. عالم مسلم من أهل البيت، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي، وفاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وإمام الأولين والآخرين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء لقبه بالشريف.
وهو أحد كبار الجغرافيين في التاريخ، ومن أشهر مؤسسي علم الجغرافيا، كما أنه كتب في التاريخ والأدب والشعر والنبات، ودرس الفلسفة والطب والنجوم في قرطبة.
¤ مــولده ونشأته:
ولد في مدينة سبتة في المغرب الأقصى عام 493 هـ، ومات عام 560هـ، تعلم في البيلق، وطاف البلاد فزار الحجاز ومصر، ووصل سواحل فرنسا وإنكلترا، وسافر إلى القسطنطينية وسواحل آسيا الصغرى، عاش فترة في صقلية، ونزل فيها ضيفًا على ملكها روجر الثاني.
¤ الإدريسي وعصر النهضة الأوروبية:
استخدمت مصوراته وخرائطه، في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية، حيث لجأ إلى تحديد إتجاهات الأنهار والبحيرات والمرتفعات، وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسة، بالإضافة إلى حدود الدول.
إختار الإدريسي الإنتقال إلى صقلية، بعد سقوط الدولة الإسلامية، لأن الملك النورماني في ذلك الوقت روجر الثاني، كان محبًا للمعرفة، شرح الإدريسي لروجر موقع الأرض في الفضاء، مستخدمًا في ذلك البيضة لتمثيل الأرض، شبه الإدريسي الأرض، بصفار البيضة المحاط ببياضها، تمامًا كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرَّات.
¤ الإدريسي وخارطة العالم:
أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال، لينقش خارطة العالم، والمعروفة باسم لوح الترسيم على دائرة من الفضة، في إحدى المرات، قدم وصفًا عن وضع السودان، وعن حالة بعض المدن، ومثل مواقعها بدقة متناهية تمامًا، كما هي على أرض الواقع، مع أنها كانت فقط من خلال الإستماع إلى بعض القصص والكلمات.
إستخدم الإدريسي خطوط العرض أو الخطوط الأفقية، على الخريطة والكرة الأرضية التي صنعها، وكانت خطوط الطول قد إستخدمت من قبله، ولكن الإدريسي أعاد تدقيقها، لشرح إختلاف الفصول بين الدول، دُمرت تلك الكرة خلال اضطرابات مدنية في صقلية، بعد وفاة الملك روجر الثاني.
وفي جزيرة صقلية، تفتقت مواهبه العلمية، وقام بأبرز أعماله في علم الجغرافيا، التي خلدت إسمه كأبرز علماء هذا المجال، وكانت صقلية في ذلك العهد، قد خرجت من حكم المسلمين، وخضعت لحكم النورمان المسيحيين، وإن كان المسلمون يكونون فيها أكبر جالية من السكان غير المسيحيين، وكان ملوكها من النورمان، وخاصة روجر الثاني الذي عاش الشريف في أكنافه، يتشبه بالمسلمين ويتظاهر بعاداتهم، في اللباس والهيئة وشارات الملك، ويخالف عادة الإفرنج في كل ذلك.. وكان يكرم المسلمين ويقربهم وينتفع بخبرتهم ومعارفهم..
¤ الإدريسي والملك روجر الثاني:
قال صلاح الدين الصفدي في ترجمة الشريف الإدريسي، من كتابه الوافي بالوفيات، عن الملك روجر الثاني: وهو الذي إستقدم الشريف الإدريسي، صاحب كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، ليصنع له شيئًا في شكل صورة العالم...
حدد الإدريسي مصدر نهر النيل، ففي موقع معين وضع نقطة تقاطع نهر النيل، تحت خط الاستواء، وهذا هو موقعه الصحيح، فقبل دخول مصر تلتقي روافد نهر النيل في الخرطوم عاصمة السودان، يتشكَّل نهر النيل من نهرين، هما: النيل الأبيض والنيل الأزرق، يجري هذان النهران عبر أراضي السودان، ويلتقيان في الخرطوم، التي تقع تحت خط الاستواء.
¤ وفاتـــــه:
وهكذا بزغ نجم الشريف الإدريسي، كمؤسس لعلم الجغرافيا، ووضع النظريات الجغرافية، حتى وافته المنية في عام 560 هجرية الموافق 1166 ميلادية، وحسبما يعتقد المؤرخون، فقد عمر ما يقرب من 71 عامًا، وأغلب الظن أنه مات في صقلية.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.